روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | الإستنكار لا يكفي بعد تكرار الإساءة للرسول

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > الإستنكار لا يكفي بعد تكرار الإساءة للرسول


  الإستنكار لا يكفي بعد تكرار الإساءة للرسول
     عدد مرات المشاهدة: 1826        عدد مرات الإرسال: 0

=العلماء يطالبون بقانون دولي يجرم إزدراء الأديان=

لم يكن تكرار نشر مقالات البرلماني الهولندي التي إستهدفت النيل من شخص الرسول بإحدي الصحف الهولندية أخيرا مفاجأة للكثيرين‏،‏ فقد إعتادت أمتنا علي مثل هذه الفواجع حتي تبلدت المشاعر‏.‏

والمواقف الرسمية المتخاذلة ساعدت علي إستمرار هذه الإساءات، وأوجدت حالة من عدم الإكتراث بما يصدر عن المسلمين من ردود أفعال، وفي كل مرة يتفاعل قادة الرأي مع القضية ويضعون المشاريع والمقترحات، يطبق بعضها ويطوي أغلبها النسيان، ومع الوقت بدأت الجذوة التي إشتعلت تخبو ولم نعد نري متابعة وتجديدا لما بدأه البعض وأصبحت قضية نصرة النبي والدفاع عن الإسلام محصورة في بعض المواقع الالكترونية التي تحتاج في أغلب الأحيان إلي تحديث محتوياتها.

من جانبهم، طالب علماء الدين، بإتخاذ الإجراءات الكفيلة بإيقاف الإساءة إلي رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم جميعا، وطالبوا المسلمين أيضا بأن يعبروا عن رفضهم لهذه الإساءة والإنتصار للرسول صلي الله عليه وسلم، باستخدام القانون الدولي لتجريم الإساءة، وإتباع أخلاق النبي وتقديم أنموذج قوي للمسلم سياسيا وإقتصاديا وأخلاقيا، وتبني إستراتيجية إعلامية ودعوية لمخاطبة الغرب.

وأكد العلماء أن ما أقدم عليه النائب الهولندي جيرت فيلدرز هو ضمن سلسلة دعوات تتردد في بلاد الحرية كثيرة ومتكررة منها إضطهاد المسلمين والتعدي علي حرية المسلمات في إرتداء الزي الإسلامي والتطاول علي الرسول الكريم ورسمه في صور مسيئة أو مطالبة السلطات بمنع المصاحف.

وقال الدكتور شوقي علام، مفتي جمهورية مصر العربية، إن ما أقدم عليه النائب الهولندي جيرت فيلدرز عضو البرلمان ورئيس حزب من أجل الحرية من الإساءة إلي الإسلام هو أمر مشين ومرفوض، يعبر عن روح ضيقة وغير متسامحة، كما أنه يمثل إستفزازا للمسلمين في العالم، ويعبر أيضا عن عنصرية وتطرف وتحريض ضد المسلمين، ويسهم في زيادة الهوة بين الحضارات والثقافة ويشيع روح الكراهية بين مختلف الشعوب، كما أن إصرار هذا النائب وأمثاله علي إهانة الأديان وإزدرائها يضع المؤسسات الحامية للقيم الغربية علي المحك إذ كيف تسمح بمرور مثل هذه الأفعال المستهجنة دون أدني تعليق؟! أما عن سبل المواجهة فإن المؤسسة الدينية في مصر ممثلة في الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية لا تألو جهدا في محاولة التواصل مع الغرب لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام، وتقديمها بعيدا عن الخطاب الإعلامي المغلوط المنتشر داخل الأوساط الغربية، وأيضا محاولة مخاطبة تلك الدول والمنظمات الحقوقية الدولية بالتصدي لمثل هذه الانتهاكات العنصرية التي ترسخ الكراهية والعنف بين الشعوب.

¤ آلية للدفاع عن الإسلام:

وحول سبل مواجهة حالة العداء ضد الإسلام من البعض في الخارج، أوضح المفتي أن ديننا الحنيف يرفض إقامة الحواجز بين المسلمين وغيرهم، وإنما دعاهم وحثهم علي ضرورة الإقتراب من الآخر بقلوب مفتوحة وبقصد توضيح الحقائق وإزالة اللبس والفهم الخاطئ، هذا التعاون مع الآخر يأتي من خلال فتح قنوات إتصال بين الجميع لأن فقدان التواصل يعني غياب الحوار أو انعدامه، وهذا يأخذنا إلي محور آخر حث عليه الإسلام وهو إشاعة ثقافة الحوار وأدب الإختلاف، والبحث عن نقاط الإتفاق أو ما يسمي المشترك بيننا وبينهم، وتجنب الخلاف ومحاولة التغلب عليها، فالعالم أحوج ما يكون إلي منتديات تعين علي حوار حقيقي يراعي التعددية الدينية والتنوع الثقافي والتقارب لا التنافر والتنابذ والتشاحن.

وأضاف: نحن في حاجة ملحة إلي أن ندفع الإهتمام بموضوع تصحيح صورة الإسلام وتعزيز العلاقات مع الغرب بين شرائح ومكونات المجتمع الغربي خاصة الشباب ونستفيد من الجاليات الإسلامية والدارسين في الغرب الذين يمكنهم أن يلعبوا دورا إيجابيا في دعم تحسين صورة الإسلام في الغرب، ويمكننا أن نوجد دورا مستقبليا في دعم هذا التوجه من قبل الجامعات في أوروبا وأمريكا، وقد قامت دار الإفتاء المصرية بحملة للتعريف بالإسلام ونبيه صلي الله عليه وآله وسلم من قبل، ولتصحيح الصورة النمطية المشوهة عن الإسلام في الغرب، وندعو الغرب كذلك إلي إستقاء المعلومات عن الإسلام من أهل العلم الراسخين وهم علماء الأزهر، فالأزهر ودار الإفتاء مهمتهما التواصل مع العالم وبناء جسور التواصل والتفاهم المشترك دون أن يعني ذلك أن يعتنق غير المسلمين الإسلام; لأن الله قال في كتابه الكريم: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، أما مهمة الأزهر ودار الإفتاء فهي الحوار والتواصل والتوضيح إن شاء الله.

¤ الجهل بحضارة الإسلام:

ويري الدكتور محمد سعدي، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الدافع الأكبر لتحريك مثل هذه الهجمات في هذه الآونة هو ما يسمي -إسلاموفوبيا- وخوفهم من أن تعود هذه الأمة إلي ريادتها الحضارية مثل التي كانت لها في الماضي، فيسيطر عليهم هاجس إنتقال القوة والريادة من الغرب الذي كانت له السيطرة طويلا علي الحضارة الإسلامية، لأن الحضارات عندهم قائمة علي التصارع والصدام، وأن الحضارات في العالم لا تتجاور وتتعايش بل تتصادم. وأضاف: العلاج يتمثل في الآية القرآنية الكريمة: {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}، فعلي الأفراد من جماعة المسلمين الصبر، والصبر يعني ضبط النفس، وقوة الإحتمال، فلا يغلب علينا الإندفاع ونقع في حماقات بل علي الأفراد ضبط النفس والصبر وكتم الغيظ، وإستثمار مثل هذه الأحداث في تعريف الناس بالإسلام المفتري عليه، والإلتجاء إلي القوانين سواء رفع قضايا علي الجناة، أو الإبلاغ عن الصفحات المسيئة لكي يتم إيقافها في شبكات التواصل وإلي غير ذلك من الوسائل، فهذا مما يفوت الفرصة عليهم، والإندفاع سيؤكد صحة هذه الأكاذيب، والمفسدة لا تدفع بمفسدة أكبر منها، فالصبر حينئذ من عزائم الأمور، أما دور المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي مثل وزارات أوقاف العالم الإسلامي والجامعات الدينية والمعاهد العلمية فيجب أن يكون من أهم إختصاصها الدفاع عن الإسلام ونبيه والقيام بهذا الدور والإضطلاع بتبعاته، وتمكين العلماء من القيام بواجبهم ومساعدتهم عليه مشددا علي ضرورة أن يكون للشركات والأغنياء من المسلمين دور دعم مثل هذه الجهود من اجل خدمه الإسلام ونبيه، وطالب بضرورة أن يكون للحكومات دور عن طريق الإحتجاجات الدبلوماسية، وإتخاذ القرارات السياسية المناسبة لكل حالة، والعمل علي محاكمة المسيئين، موضحا أن ذلك سيكون ردعا لمن أساء وزجرا لغيره، فهذا واجبهم أمام الله وشعوبهم.

وطالب بضرورة سن قانون دولي يمنع العبث في معتقدات المسلمين، ويضفي علي شعائر المسلمين القداسة والإحترام، ولاسيما أن المسلم مأمور في دينه بعدم التعرض لمعتقدات غير المسلمين بالسب والإستهزاء لقوله تعالي: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم} [الأنعام:108]، فمن حقه أن يعامل بالمثل وأن يلقي الإحترام وعدم الإعتداء من الآخر.

تحقيق‏:‏ إبراهيم عمران.

المصدر: جريدة الأهرام المصرية.